الأحد، 13 مارس 2016

ماء بارد

حكاوى الزمن الجميل........( 55 )..............ماء بارد
سنه 1969 كنت مقيمه بالسودان واصابنى الحنين للوطن فقررت الحضور فى الاجازه الصيفيه
لا يشعر بهذا الحنين الا من تغرب عن وطنه مهما كانت وظيفته او مكانته.....
كنت اعمل فى احد المدارس الثانويه للبنات فى احد البلاد الصحراويه ( رغم قربها من النيل ) كانت الصحراء حولى فى كل مكان اصابتنى بالرتابه والملل وحتى اتخلص من ذلك وضعت على النوافذ ستائر خضراء
فى هذه البلده الهادئه هبطت طائره هبوط اضطرارى على سور المدرسه واتغرزت فى الرمال ولم يصاب احد بسوء
فى الزمن الجميل كانت مهنة التدريس مقدره من الجميع....كانت الوزاره تصرف للمعلمه تذكرتين بالطائره واحده لها وواحده للمرافقه اى ست كبيره تكون من الاسره
وينتظرها وفد من المدرسه بعد ان يكون قد اعدوا لها مكان المبيت والعشاء بالداخليه
فى الحقيقه كنت اقابل بكل الترحاب والكرم ولم ينقصنى شيئا غير الماء .....؟! لم تكن هناك تلاجه....
كانت المياه من الابار الارتوازيه توضع فى زير نظيف ولكن الماء مالح... وكانت تتراكم الاملاح على السطح الخارجى للزير وكنت اتخلص منها بواسطة ( الشقفه ) قطعة زير مكسور
مرت ايام قليله ثم اصابنى العطش وتمنيت ان اشرب من النيل
اشترت لى احدى صديقاتى ماء يباع فى القربه المصنوعه من جلد الماعز والمدهونه بالقطران ....الماء بارد ولكن رائحة القطران تغلب عليه
قلت مفيش فايده اروح بنفسى اشرب من النيل وتعلمت طريقه جديده لاحضار الماء اخدت معى كوب ومنديل نظيف وضعت المنديل على الكوب واخذت الماء من الاعماق وليس من على السطح
وبعد كل هذه المعاناه مع المياه تعودت عليها حتى انتهت السنه بسلام وسافرت لقضاء الاجازه مع اسرتى فى الاسكندريه
ولا استطيع ان اصف لكم مدى سعادتى بوجودى بين اخوتى....
وفى يوم من الايام قرات فى الجرنال دعاء بمعنى : اللهم اجعل حبى لك مثل الماء البارد. الحقيقه كنت اشعر فى نفسى ان حبى لله اعظم من ان يقاس باى شىء ثم استغرقت فى النوم فاصابتنى شرقه قويه جاء اخى الصغير بكل لهفه وبكل خوف وبكل حب واحضر لى كوب ماء بارد........لم انسى هذه اللحظه طوال حياتى وتعلمت منها معنى الحب الحقيقى وارتباطه بالماء البارد
والى لقاء اخر ان شاء الله مع حكاوى الزمن الجميل
( ماما عطيات )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق